انترنتبرمجيات

«إنتل» تلوّح بمقاضاة «مايكروسوفت» في حال استمرار تعاونها مع «كوالكوم»

تعيش صناعة الحاسبات الشخصية، حالياً، وضعاً جديداً لم تشهد له مثيلاً منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت، حيث إنه للمرة الأولى، بدأت تظهر شروخ وتصدعات في التحالف التاريخي القائم بين شركتي «مايكروسوفت» و«إنتل»، وهو التحالف الذي وضع الأساس القوي لنجاح وانتشار الحاسبات الشخصية وشكّل أهم معالمها. لكن «إنتل» لوحت بأنها ستجرّ «مايكروسوفت» إلى المحاكم، إذا ما استمر تحالفها الجديد مع شركة «كوالكوم» المصنعة للمعالجات الدقيقة المعروفة باسم «إيه آر إم» في تقليد تقنية «إكس 86» التي تعد من حقوق الملكية الفكرية الخاصة لـ«إنتل»، فيما يعد إشعاراً بعملية المخاض العميقة التي تمر بها صناعة الحاسبات الشخصية، وتنتقل بموجبها إلى «عصر المحمول أولا» وعصر «الحاسبات الشخصية» دائمة الاتصال، وهو مخاض يجعل «إنتل» أمام ثنائي جديد لا سبيل لتفادي تأثيراته المحتملة.

مأزق مستقبلي

قال نائب رئيس الأبحاث الخاصة بأدوات إنترنت الأشياء وتقنية الاتصالات اللاسلكية في مؤسسة «غارتنر»، للأبحاث، مارك هنج، إن «الكثير من الأعمال تتحرك نحو الحوسبة السحابية، وبالتالي فإن قوة الحوسبة التي يحتاجها العاملون في المؤسسات على أجهزتهم الشخصية تقل مع الوقت ويتم تعديلها باستمرار، لذلك ليس ضرورياً أن تكون حاسبات (مايكروسوفت ـ كوالكوم)، هي الأفضل من حيث المواصفات، لكنها ستكون الأفضل بامتياز في توفير المجموعة الكاملة من الاحتياجات التي يتطلبها مستخدمو المؤسسات ممن يطلق عليهم (محاربو الطرق) الذين يعملون أثناء التنقل، بسبب الظروف التي تضطرهم إلى ذلك»، مشيراً إلى أن «هذا بالضبط ما تشعر به (إنتل) بأنه (مأزق) حقيقي مستقبلي بالنسبة لها».

«ويندوز وإنتل»

وتاريخياً تحالفت «مايكروسوفت» و«إنتل»، منذ ثلاثة عقود، بصورة استراتيجية بعيدة المدى، لضمان تشغيل نظم «ويندوز» على معالجات «إنتل» الدقيقة المخصصة للحاسبات المكتبية والمحمولة، فيما عرف بتحالف «وين ـ تل» أو «ويندوز وإنتل»، غير أن «مايكروسوفت» شرعت، أخيراً، في إقامة تحالف مشابه مع شركة «كوالكوم» أكبر منتج للمعالجات الدقيقة المستخدمة في مجال الاجهزة المحمولة والمتنقلة، وعلى رأسها الهواتف الذكية، ليتم تشغيل النسخ الكاملة من نظام تشغيل «ويندوز 10» وجميع التطبيقات التي تعمل عليه بنسخها الكاملة على معالجات «إيه آر إم» التي تنتجها «كوالكوم»، فيما يعرف حالياً بتحالف «وين ـ كوم» أو «ويندوز وكوالكوم».

إنذار

وعلى الرغم من أن حالة من الترقب بدأت تسود العلاقة بين الحليفين التاريخيين «مايكروسوفت» و«إنتل» منذ عام 2012، إثر قيام الأولى بالانفتاح على «كوالكوم»، إلا أن «إنتل» لم تفصح علناً عن خطوة عدائية تجاه «مايكروسوفت» وحليفها الجديد بصورة مباشرة.

غير أن اثنين من مديري «إنتل» التنفيذيين الكبار نشرا تدوينة على المدونة الرسمية للشركة، وجّها فيها ما يشبه الإنذار إلى «مايكروسوفت» و«كوالكوم» بأنهما سيقفان أمام المحاكم، إذا مضيا قدماً في تقليد تقنية «إنتل إكس 86»، وهي الخطوة اللازمة لتشغيل النسخ الكاملة من نظام تشغيل «ويندوز 10» وتطبيقاته الكاملة، على حاسبات شخصية مكتبية ومحمولة ولوحية ويدوية تعمل بمعالجات «إيه آر إم» من «كوالكوم».

وقال رئيس المحامين في «إنتل»، ستيفن رودجيرز، ومدير معامل أبحاث «إنتل»، ريتشارد أهوليج، في مدونتهما إن «(إنتل) تحمي بكل عناية إبداعاتها في (إكس 86)، ولم ترخص على نطاق واسع للآخرين باستخدامها».

تغيير جوهري

لكن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «غارتنر» رأت خطوة «إنتل» على نحو مختلف، على اعتبار أن المهاجمة بهذه الصورة ليس سببها مجرد تقليد أو عدم تقليد تقنية «إكس 86»، بل السبب الرئيس يكمن في التغيير الجوهري المنتظر أن يحدث في صناعة الحاسبات الشخصية برمتها بسبب هذا التحالف.

وقال نائب رئيس الأبحاث الخاصة بأدوات إنترنت الأشياء وتقنية الاتصالات اللاسلكية في «غارتنر»، مارك هنج، إن «تقنية (إكس 86) تم تقليدها ومضاهاتها بصورة دورية من قبل شركات في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، لكن (إنتل) تشعر هذه المرة بالتهديد الجدي، لأن الشيء الذي يزن بضعة غرامات والموجود في مجال الهواتف المحمولة، وهو معالجات (كوالكوم) يشكل تهديداً وتعدياً خطيراً على الساحة التي تهيمن عليها (إنتل)، في مجال الحاسبات الشخصية والمحمولة».

وبين هنج أن «تحالف (وين ـ كوم) يعني أن المستخدمين داخل المؤسسات سيكونون قادرين على تشغيل المجموعة الكاملة من تطبيقات (ويندوز) على حاسبات تعمل بمعالجات (إيه آر إم)، بما تحققه من تفوق في أمرين، الأول يتمثل بالعمل أثناء التنقل بأجهزة موفرة للطاقة بصورة أفضل، والثاني هو التوافق التام مع فكرة (التواصل الدائم) للجهاز عبر تقنية (إل تي إي) المستخدمة على نطاق واسع في شبكات الهواتف المحمولة، والتي تمثل العرين الأساسي

لـ(كوالكوم)».

وأضاف هنج أن «أهمية ذلك بالنسبة للمؤسسات، تكمن في أن أي مؤسسة تحتاج لتشغيل (ويندوز) لم تعد مقيدة حصرياً بالارتباط جبراً وقهراً بما تقدمه (إنتل) أو منافستها (إيه إم دي)، بل أصبح لديها الآن خيار ثالث، أقل في الكلفة وأخف في الحركة، وأكثر استقراراً وقدرة على التواصل الدائم، وهذا الخيار هو (كوالكوم)».

إغلاق