كثّفت الشركات التقنية جهودها مؤخرًا في اختبارات نظام القيادة الذاتية الذي قضى وقت طويل في مُختبراتها، فهي ما أن حصلت على الموافقات المطلوبة، حتى أطلقت سيّاراتها في الولايات الأمريكية وبعض دول الشرق الآسيوي كذلك.
وظيفة تلك الأنظمة والسيّارات هي أن تجوب الشوارع مع وجود سائق -مهندس- خلف المقود للاطلاع على جميع البيانات والتأكد من سيرها بالشكل المطلوب. كما أنه جاهز لاستلام زمام الأمور عند وجود حالات طارئة.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة، أي أن السيّارات وتجوالها في الشوارع ليس الحالة الوحيدة لاختبار النظام، أو ليست الوظيفة الوحيدة للنظام فقط، فهو وخلال التجوال يقوم بتحويل العالم الحقيقي إلى عالم رقمي ثلاثي الأبعاد مؤلّف من مُجسّمات، وهذا بفضل المُستشعرات المتطورة الموجودة في السيّارة.
تُعتبر هذه العملية، أي تحويل العالم الحقيقي إلى افتراضي رقمي، من أهم المراحل والأمور التي تقوم بها السيّارة، فهي أولًا تزيد من قاعدة معرفتها وتتدرّب على اكتشاف النماذج باستمرار، وهي قادرة على تحديد السيّارات الأُخرى، والمُشاة، بالإضافة إلى الدراجات النارية والهوائية كذلك، وكل هذا خلال أجزاء بسيطة من الثانية.
جميع البيانات داخل النسخة الرقمية تُساوي بالضبط، من ناحية الأبعاد والأحجام، تلك الموجودة في العالم الحقيقي، وهذا لغرض أساسي واحد يكمن في تدريب السيّارات والنظام على أعقد الحالات.
في واحدة من الولايات الأمريكية واجهت وايمو وجود إشارة صفراء للتوجه نحو اليسار على الإشارة الضوئية، وهو أمر شائع الاستخدام في تلك الولاية فقط، ووجوده نادر في البقية.
بفضل تحويل العالم الحقيقي لرقمي، تقوم وايمو بتشغيل نفس المشهد من جديد في مُحاكي داخل المُختبرات، وتقوم بتغيير درجة تعقيده باستمرار، أي أن نظام القيادة الذاتية يسير في نفس الطريق ليواجه نفس الإشارة الصفراء ويتعلّم معناها وآلية التعامل معها بمهارة، فهو لو تقدّم بسرعة قد يصطدم بسيارات أُخرى قادمة بالاتجاه المُعاكس. ولو تباطئ قد يؤدي ذلك لغضب السائق في الخلف.
وبناءً على ذلك، تقوم وايمو بتعقيد المشهد تباعًا مع الحفاظ على الإشارة ذاتها، فمرّة يتم إضافة مُشاة يقطعون الطريق، وفي مرّة أُخرى يتم إضافة دراجة نارية قادمة بسرعة مُفاجئة، وهكذا تتكرّر العملية. وهنا يجب التنويه إلى أن ذلك المُحاكي يستخدم نفس قاعدة المعرفة التي تستخدمها بقيّة السيّارة، وهذا يعني أن أي مهارة جديدة مُكتسبة يتم تخزينها داخل تلك القاعدة لتستفيد منها بقيّة السيّارات على مستوى العالم، وليس المختبرات فقط.
تُجري شركة وايمو الكثير من الاختبارات، وهذا يعكس أهمّية تحويل المشهد الحقيقي إلى رقمي، ومن ثم تعقيده وترك نظام القيادة الذاتية لوحده لاتخاذ القرار المناسب. وكُلما نجح في تجاوز درجة التعقيد، كُلما زادت الصعوبة. وإضافة لما سبق، يُمكن التأكّد من جهود الشركة الكبيرة الساعية لتأمين النظام بأفضل الطرق المُمكنة.
المُحصّلة النهائية كانت أكثر من 250 ألف سيّارة ذاتية القيادة داخل مُحاكي الشركة، وهي سيّارات سارت لمسافة تزيد عن 12 مليون كيلومتر، وكل هذا لتعلّم آلية تجاوز الإشارة الصفراء للانعطاف نحو اليمين أو اليسار.