أخبار
«الذئب الأحمر والأزرق»..تقنية تكنولوجية تستخدمها قوات الاحتلال لتقييد تحركات الفلسطينيين
يسلح جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوده بالتكنولوجيا، للتعرف على هوية الفلسطينيين بالأراضي المحتلة، منذ سنوات وحتى وقتنا الحالي، بهدف التعامل التعسفي تجاه الأشخاص الذين قد تصدر عنهم بيانات لم تنال إعجاب الجيش الإسرائيلي.
وكشف تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن الجيش الإسرائيلي يستخدم برنامجًا ضخمًا للتعرف على الوجه في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة وغيرها من المدن الفلسطينية، حيث يستخدم تقنية بالهاتف الذكي للتعرف على الوجه والتي تسمى Blue Wolf، والتي شرعت في استخدامها منذ حوالي 5 سنوات وحتى وقتنا الحالي، ومن خلالها يلتقط الجنود الإسرائيليون صورًا لوجوه الفلسطينيين ويطابقونها بقاعدة بيانات. تحتوي قاعدة البيانات على آلاف الصور، كما قام الجيش الإسرائيلي بتركيب كاميرات لمسح الوجه عند نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية أيضًا.
وباستخدام هذا النظام، يتعرف الجنود الإسرائيليون على الفلسطينيين حتى قبل أن يقدموا بطاقات هويتهم، وعلى أساس معلومات مسبقة عنهم، يقومون باحتجازهم عندما يرسل التطبيق تنبيهًا.
وقال جندي إسرائيلي تم تسريحه منذ سنوات للصحيفة الأمريكية: «لن أشعر بالارتياح إذا استخدموها في المركز التجاري في مسقط رأسي، فلنضع الأمر على هذا النحو»، مضيفًا: «يشعر الناس بالقلق بشأن أخذ بصمات الأصابع، ولكن هذا هو الحال».
شبكة مراقبة موصولة الذئب الأحمر
«الذئب الأحمر» جزء من شبكة مراقبة تعمل على ترسيخ سيطرة الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين، وتساعد في الحفاظ على نظام الفصل الإسرائيلي. ويتم نشر «ريد وولف» عند نقاط التفتيش العسكرية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث يقوم بمسح وجوه الفلسطينيين وإضافتهم إلى قواعد بيانات المراقبة الواسعة دون موافقتهم.
تزايد استخدام إسرائيل لتكنولوجيا التعرف على الوجه ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، خاصة في أعقاب الاحتجاجات وفي المناطق المحيطة بالمستوطنات غير القانونية. وفي كل من الخليل والقدس الشرقية المحتلة، تدعم تكنولوجيا التعرف على الوجه شبكة كثيفة من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة لإبقاء الفلسطينيين تحت المراقبة شبه المستمرة.
يواجه الفلسطينيين خطر تعقبهم بواسطة خوارزمية، أو منعهم من دخول أحيائهم بناء على معلومات مخزنة في قواعد بيانات المراقبة التمييزية، إذ يركز الفصل الآلي على الخليل والقدس الشرقية، لأنهما المدينتان اللذان يوجد فيهما مستوطنات إسرائيلية داخل حدودهما.
ويتعرض السكان الفلسطينيون في المنطقة H2 لقيود صارمة على الحركة، وهم ممنوعون من الوصول إلى طرق معينة، وهي مفتوحة فقط للمستوطنين الإسرائيليين، وهناك شبكة من نقاط التفتيش العسكرية وغيرها من العوائق اليومية.
ما استخدامات الذئب الأزرق بجيش الاحتلال؟
Red Wolf مرتبط بنظامين آخرين للمراقبة يديرهما الجيش، وهما Wolf Pack وBlue Wolf. وولف باك هي قاعدة بيانات واسعة تحتوي على جميع المعلومات المتاحة عن الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مكان إقامتهم، ومن هم أفراد أسرهم، وما إذا كانوا مطلوبين لاستجوابهم من قبل السلطات الإسرائيلية.
Blue Wolf هو تطبيق يمكن للقوات الإسرائيلية الوصول إليه عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويمكنه سحب المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات Wolf Pack على الفور. حينما يمر فلسطيني عبر نقطة تفتيش تعمل شركة Red Wolf على مسح وجهه، دون علمه أو موافقته، ومقارنتها بالإدخالات البيومترية في قواعد البيانات التي تحتوي على معلومات عن الفلسطينيين.
يستخدم Red Wolf هذه البيانات لتحديد ما إذا كان الفرد يمكنه اجتياز نقطة تفتيش، ويقوم تلقائيًا بتسجيل أي وجه جديد يقوم بمسحه ضوئيًا. إذا لم يكن هناك دخول لأي فرد، فسيتم رفض مروره. يمكن للتقنية أيضًا رفض الدخول بناء على معلومات أخرى مخزنة في الملفات الشخصية الفلسطينية، على سبيل المثال إذا كان الشخص مطلوبًا للاستجواب أو الاعتقال.
تقوم شركة Red Wolf بتوسيع قاعدة بياناتها الخاصة بالوجوه الفلسطينية مع مرور الوقت، حيث كشف قائد إسرائيلي متمركز في الخليل إن الجنود مكلفون بتدريب وتحسين خوارزمية التعرف على الوجه الخاصة بـ Red Wolf حتى تتمكن من البدء في التعرف على الوجوه دون تدخل بشري.
تقنية الذئب الأزرق بالأراضي المحتلة
وفقا لشهادات عديدة جمعتها منظمة «كسر الصمت»، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية تعمل مع الجنود السابقين لتوثيق انتهاكات الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، حكى أحد الجنود أنه منذ أعوام قام الجيش الإسرائيلي بتوزيع هواتف ذكية مزودة ببرنامج للتعرف على الوجه يسمى «بلو وولف» أي «الذئب الأزرق» على الجنود الإسرائيليين المتمركزين في الخليل.
بعد ذلك، قام الجنود بالتقاط صور للفلسطينيين بهدف تغذية قاعدة بيانات، والتي بدأت تتوسع حتى أصبحت تحتوي على آلاف الوجوه المرتبطة بأسماء وعناوين ومعلومات أخرى يمكن لأجهزة المخابرات الإسرائيلية معرفتها عن هؤلاء الأفراد. ويذكر جندي سابق كان مركز خدمته في منطقة الخليل عام 2020، في تصريحات نشرتها منظمة «كسر الصمت»، أنه كان «المطلوب أخذ صور عن الجميع، حتى ولو كانوا أطفالا أو عجزة».
كما أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن الأشخاص الذين يلتقطون صورا ذات أهمية بالنسبة للمخابرات، كانوا يحصلون على مكافآت تصل إلى أيام أذونات إضافية، وذلك نقلًا أيضًا عن الموقع الإخباري الفرنسي france24.
ويتيح نظام الذئب الأزرق، للجنود مراجعة قاعدة البيانات الفوتوجرافية بشكل فوري أثناء عمليات التحقق من الهوية في الضفة الغربية. ويخبر أحد الجنود أنه بعد مراجعة قاعدة البيانات «نتلقى مؤشرات عن طريق رمز الألوان لكل فرد.. فاللون الأصفر يعني أنه يتعين احتجاز الشخص، أما اللون الأحمر اعتقاله، والأخضر يعني السماح له بالمرور».
إلى ذلك، أوضح أحد الجنود السابقين الذين عملوا على اختبار برنامج «الذئب الأزرق» قائلا «للحصول على هذه المعلومات، نقوم بمسح باركود على أوراق هوية الشخص الذي يتم التحقق منه، أو إذا لم يكن يحمل أوراقه الثبوتية، فيمكننا مسح وجهه مباشرة باستخدام البرنامج الموجود على الهاتف».
وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن برنامج الذئب الأزرق موصول أيضا على شبكة كاميرات مراقبة منتشرة في الخليل. لذا كان الاحتلال اعتاد وصف مدينة الخليل بأنها «مدينة ذكية»، لأن الشوارع مليئة بكاميرات المراقبة المثبتة على جوانب المباني وأعمدة الإنارة وأبراج المراقبة وأسطح المنازل، إذ يمكن للجيش الإسرائيلي «التعرف على الفلسطينيين حتى قبل أن يقدموا أوراق هويتهم أثناء مراقبة عند نقطة تفتيش»، حسب الصحيفة.