تبدو فكرة أن يلتقط أحدهم صورة لمفتاح منزلك ويصنع نسخة له من تلك الصورة أقرب لفكرة خيالية وإن كانت غير مستبعدة! ليس بعد أن قام بعض القراصنة الألمان من تزوير بصمة وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لين، بطريقة تم الاستعانة فيها بصور فوتوغرافية قياسية للوزيرة منشورة بعدد من وسائل الإعلام المحلية! تطلب الأمر منهم فقط العثور على صورة بدقة عالية للوزيرة بأحد الفعاليات العامة التي تظهر بها راحة يدها بوضوح، حيث قاموا بطباعة تلك الصورة ورقة ثم نسخها إلى لوح بلاستيكي ومن ثم إضافة بعض المواد لتصبح البصمة جاهزة لاستخدامها لفتح قفل أو تجاوز أي إجراءات أمنية خاصة بالوزيرة، كجهاز آيفون مثلًا! هكذا لا تبدو فكرة نسخ شيء أبسط بكثير من البصمة كمفتاح منزلك خيالية على الإطلاق! هي فقط تحتاج لشخص ببعض المهارة وما أكثرهم، فلعب دور القرصان الإلكتروني أو الهاكر قد صار أمرًا محببًا للغالبية هذه الأيام.
هكذا فكرت شركة UrbanAlps السويسرية الشهيرة في حل لا يقل خيالًا: مفتاح بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، مصنوع بالكامل من التيتانيوم ويخفي سنونه وشفراته بداخله، ومن ثم يستحيل تحليل تصميمه بالتصوير فضلًا عن نسخه أو تزويره! وقد منحوه اسمًا لائقًا: المفتاح الشبحي Stealth Key!
يقول أليخاندرو أوجيدا Alejandro Ojeda، المؤسس المشارك بشركة UrbanAlps، أنه بالاستعانة بتقنية طباعة المعدن ثلاثية الأبعاد أو ما يسمى تحديدًا بالصهر الليزري الإنتقائي، فقد استطاعوا صناعة وتصميم بنيات وأجزاء داخلية معقدة داخل المفتاح الشبحي وإخفائها عن عدسات التصوير والفحص الإلكتروني. هذه الفكرة على بساطتها كانت مستحيلة بطرق التصنيع والتصميم التقليدية القديمة أو على الأقل كانت لتصبح مكلفة للغاية وبشكل ينفي جدواها كحل أمني للعوام؛ لكن مع تقنية طباعة المعدن ثلاثية الأبعاد، صار الأمر ممكنًا بتكلفة يمكن تحملها. ولتحقيق هذا، استلزم الأمر من أليخاندرو أن يترك الشركة لبعض الوقت كي يحصل على دكتوراة في علوم الليزر من المعهد الفيدرالي السويسري للتقنية ثم العودة للعمل مرة أخرى على المفتاح الذي لا يقهر!
لكن التحدي الحقيقي لم يكن في صناعة المفتاح الشبحي في الواقع على الرغم من عبقرية وصعوبة تصميمه؛ إنما في قلب القفل الأسطواني القادر على قراءة شفرات وسنون المفتاح غير التقليدي. قلب القفل الأسطواني الميكانيكي Cylinder أو ما نطلق عليه نحن عادة اسم “كالون” هو الجزء الأهم والأكثر دقة في أي قفل؛ والنقطة الأهم هنا هي أن يعمل هذا القلب الأسطواني بثبات وفعالية طيلة الوقت لأن هذا ما يدفع الناس لشراء هذا النوع من الأقفال الميكانيكية حتى الآن على الرغم من سيطرة التكنولوجيا الرقمية على كل شيء حاليًا.
فبالرغم من توفر وانتشار الأقفال الإلكترونية ومدى جاذبيتها، لا تزال الأقفال الميكانيكية ذات القلب الأسطواني هي المسيطرة بحصة سوقية تبلغ 90%! ربما ترجع أسباب ثبات هذه النسبة إلى تمتع تلك الأقفال بفترة حياة تتراوح بين 20 إلى 30 عامًا، أو لأنها تعمل دومًا بفعالية دون أعطال ولو لمرة واحدة وهو شيء غير مضمون بالطبع مع الأقفال الإلكترونية التي يمكن أن تعطل لأي سبب ولو مؤقتًا. كذلك لا تتطلب الأقفال بقلب الأسطوانة الميكانيكي أي شيء سوى مفتاحها لتعمل! لا حاجة لبطارية أو مصدر طاقة كما هو الحال مع الحلول الإلكترونية.