أعلن باحثون وخبراء في لغات البرمجة، عن طرح واعتماد الإصدار رقم 1.0 من لغة «جوليا» للبرمجة رسمياً، وسط تأكيدات بأنها ستكون أهم لغات البرمجة على الإطلاق، لاسيما في مجال تعلم الآلة، لكونها تقترب من أن تكون «لغة اللغات» التي تجمع كل المحاسن في شيء واحد، فهي تجمع بين سرعة لغة البرمجة «سي» وسهولة وبساطة «بايثون»، وديناميكية ومرونة لغة «روبي»، وبراعة وقدرة لغة «ماتلاب» الرياضية، وقوة ودقة لغة «آر» الإحصائية.
وقال باحثون في معهد ماساشوستس للتقنية «إم آي تي» في بيان نشر في موقع المعهد mit.edu إن لغة «جوليا» كانت واحدة من أسرع لغات البرمجة نمواً خلال عام 2018، وجاءت في المركز الثاني بعد لغة «بايثون» من حيث معدل سرعة النمو.
وأشار الأستاذ في المعهد وأحد مؤسسي هذه اللغة، الدكتور آلان إيدلمان، إلى أن اعتماد إصدار «جوليا 1.0» رسمياً يشير إلى أنها أصبحت جاهزة لتغيير العالم التقني، من خلال الجمع بين الإنتاجية العالية وسهولة استخدام «بايثون» و«آر» وسرعة «سي»، وهي تعد الآن لغة البرمجة الديناميكية عالية المستوى الوحيدة لدى أجهزة الكمبيوتر العملاقة «سوبر كمبيوتر» الموجودة في العالم، التي تعرف باسم أجهزة كمبيوتر «نادي بيتافلوبس»، أو الحاسبات القادرة على تنفيذ 15 «بيتافلوبس» أو «كوادريليون» عملية في الثانية الواحدة.
ولذلك تم استخدامها في بناء نظام استطاع محاكاة حركة 188 مليون نجم ومجرة وجرم فلكي على الكمبيوتر العملاق، المعروف باسم «كوري»، وهو واحد من أقوى 10 أجهزة كمبيوتر عملاقة على مستوى العالم، واستطاع النظام إنجاز هذه المحاكاة كاملة خلال 14.6 دقيقة فقط.
فريق تطوير
وفضلاً عن جهود باحثي «ماساتشوستس»، فإن هناك فريقاً كبيراً من صفوة الخبراء والمبرمجين المتخصصين في مجال تعلم الآلة، يقفون بقوة خلف «جوليا»، ويدعمون تطورها، ويدير هؤلاء مدونة رسمية تهتم بالتطورات الحاصلة لهذه اللغة.
وبمناسبة طرح الإصدار رقم (1.0)، كتب الفريق أن «جوليا» مصمَّمة من الألف إلى الياء، للحوسبة الرياضية والحسابية، ولذلك تعتبر مناسبة بشكل غير معتاد للتعبير عن خوارزميات التعلم الآلي. وفي الوقت نفسه، هي مزيج من التصميم الحديث والأفكار الجديدة، ما يجعل من السهل استخدامها في التعامل مع الاحتياجات عالية الأداء من أحدث الطرز لتطبيقات ونظم تعلم الآلة، إذ إنها مزودة بمكتبة تدعى «فلكس» تعمل مترجماً قابلاً للتمدد والتكامل مع أدوات متعددة تركز على تعلم الآلة، كما أنها تدعم تدرجات الدرجة الأولى لتحقيق توازن أفضل بين الأداء والتحكم المطور.
وأكد الفريق أن لغات البرمجة مثل «جوليا» تدعم التمايز، والناقلات، والأجهزة الجديدة والغريبة والمبتكرة، ما يؤدي إلى العديد من التطورات في البرمجة.
تاريخ «جوليا»
بدأ العمل في لغة «جوليا» للبرمجة للمرة الأولى عام 2009، على يد أربعة من خبراء البرمجة المشهورين، هم جيف بيزانسون، وستيفان كاربينسكي، وفيرال بي شاه، وآلان إيدلمان، وظل الأربعة يعملون على تطويرها حتى أطلقوا أول موقع رسمي لها في عام 2012، وشرحوا فيه خصائص ومكونات هذه اللغة وطريقة العمل بها، وحتى الآن لا يحوي الموقع سبباً واضحاً لاختيار «جوليا» اسماً لهذه اللغة.
ومنذ إطلاق موقعها الرسمي، نما مجتمع «جوليا» ببطء، وظلت خارج تصنيف لغات البرمجة الأكثر شيوعاً وأهمية، وظهر الإصدار رقم 0.3 في أغسطس 2014، والإصدار رقم 0.4 في أكتوبر 2015، ثم الإصدار رقم 0.5 في أكتوبر 2016، والإصدار رقم 0.6 في يونيو 2017، ثم جاء الإصدار رقم 1.0 الذي ظهر تجريبياً في أغسطس 2018 وحقق طفرة، وتم الإعلان عن اعتماده رسمياً أخيراً في التاسع من ديسمبر الجاري.
تطبيقات متعددة
وقال الشريك المؤسس لشركة «ريد مونك» للتحليلات والاستشارات ولمؤشر «تيوبي» للغات البرمجة، ستيفن أوجراد، إن «جوليا» باتت محل اهتمام كبار مزودي التقنية، وتستخدم بالفعل من قبل العديد من الشركات الكبرى، وأكثر من 700 جامعة ومؤسسات بحثية.
وأكد أنه سيكون لـ«جوليا» تطبيقات متعددة في مجالات الطاقة، والسيارات ذاتية القيادة، والطابعات ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى تطبيقات في الطب مثل الجراحات الدقيقة المعقدة، والواقع المعزز، وعلم الجينوم، والتعلم الآلي، وإدارة المخاطر.
لغة مفتوحة المصدر
تعتبر «جوليا» لغة برمجة مفتوحة المصدر، تم تطويرها في معمل علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي في معهد «ماساتشوستس»، وهي لغة برمجة مصممة للتعامل مع الأغراض العامة رفيعة المستوى، وتلبية احتياجات التحليل العددي عالية الأداء وعلوم الكمبيوتر، من دون الحاجة إلى السرعة في تجميع الأجزاء المنفصلة من الأكواد التي يجري تطويرها.