تعمل الشركات الصغيرة على تقليص الإنفاق على التسويق بسبب تغييرات الخصوصية الشاملة التي أجرتها شركة “أبل”، والتي جعلت من الصعب استهداف عملاء جدد عبر الإنترنت، في اتجاه متزايد أدى إلى خسارة مليارات الدولارات في الإيرادات لمنصات مثل «فسبوك».
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «فايننشيال تايمز»، الثلاثاء، بدأت “أبل” العام الماضي في إجبار مطوّري التطبيقات على الحصول على إذن لتتبع المستخدمين، وتقديم إعلانات مخصصة لهم على أجهزة «آيفون» و«آيباد» في التغييرات التي غيرت قطاع الإعلان عبر الإنترنت.
وقال العديد من الشركات الصغيرة التي تعتمد على الإعلانات عبر الإنترنت لجذب عملاء جدد لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، إنهم لم يلاحظوا في البداية التأثير الكامل لقيود “أبل” حتى الأشهر الأخيرة، عندما أدى تضخم الأسعار إلى ضغط طلب المستهلكين في الأسواق الرئيسية في جميع أنحاء العالم.
وأدى ذلك إلى قيام الشركات فجأة بتقليص إنفاقها التسويقي للحفاظ على النقد مع العثور على تكلفة باهظة لاستهداف المستهلكين المحتملين كما فعلوا من قبل، وترددت أصداء المشكلات التي تواجه الشركات الصغيرة عبر عمالقة الإعلان عبر الإنترنت.
وتشير التقديرات الآن إلى أن «فيسبوك» و«سناب» و«تويتر» و«يوتيوب» يخسرون 18 مليار دولار من الإيرادات هذا العام من تغيير “أبل”، وفقاً لشركة «اللوتام»، شركة تكنولوجيا الإعلان.
وتعرضت شركة «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك» لضربة شديدة بشكل خاص، حيث قالت في وقت سابق من هذا العام إن التغييرات التي أجرتها شركة “أبل” كلفتها ما لا يقل عن 10 مليارات دولار.
وقالت نادية مارتينيز، مؤسِّسة «كالي»، وهي شركة أحذية مصنوعة يدوياً في كاليفورنيا: «أنا شخصياً لم أشعر بتأثير تغييرات “أبل” في عام 2021 بقدر ما أشعر به في عام 2022. كانت «مارتينيز»، وهي مسوقة ناجحة جداً على «فيسبوك» لدرجة أنها أسست وكالة لتعليم النساء الأُخريات كيف يصبحن رائدات أعمال عبر الإنترنت قالت: «أصبحت الإعلانات أكثر تكلفة، وأصبح لدينا وصول أقل إلى البيانات، ولم تعد فعالة كما كانت من قبل».
وحللت «فاروس»، وهي منصة لمشاركة البيانات تساعد مجموعات التجارة الإلكترونية، البيانات من 1300 شركة صغيرة، ووجدت أن انخفاض الإيرادات يتسارع كل شهر في الربع الثاني؛ ما أدى إلى انخفاض بنسبة 13% في يونيو، وهو أسوأ انخفاض هذا العام.
في الوقت نفسه، فإن تكلفة اكتساب عملاء جدد من خلال الإعلان عبر الإنترنت «أعلى بكثير» هذا العام مقارنة بالعام الماضي، والإنفاق الإجمالي للإعلان على «فيسبوك» هذا العام «أقل بشكل ملموس».
قامت شركة «شيلي كوف»، وهي شركة ملابس في ولاية كارولينا الشمالية، بتسريح فريق التسويق المكون من أربعة أشخاص الشهر الماضي عندما جفّت احتياطياتها النقدية، وأدركت أن إنفاق المزيد من الأموال على إعلانات «فيسبوك» لن يؤدي إلى زيادة المبيعات كما كانت في السابق. وقال مات شرودر، مؤسس شركة «شيلي كوف»: «في السنوات السابقة، كان بإمكانك ضخ الأموال في «فيسبوك»، كان بإمكانك استثمار دولار واحد، وعودة دولارين، هذا لم يعد موجوداً بعد الآن». وقالت العلامات التجارية الصغيرة إنها لم تتأثر بالضرورة بالتغييرات التي طرأت على سياسة شركة “أبل” في وقت متأخر عن المنصات الرئيسية، لكن مشكلات سلسلة التوريد والوباء العالمي خلقت «ضباباً» جعل من الصعب فهم السبب، على سبيل المثال، في فترة مبيعات العطلات في العام الماضي«خائب الأمل».
والنتيجة هي أن العديد من العلامات التجارية الصغيرة لم تغير استراتيجياتها التسويقية حتى وقت قريب على حساب منصات الإعلان عبر الإنترنت، وفي الشهر الماضي، أعلنت شركة «سناب» عن أضعف نمو ربع سنوي لها على الإطلاق، حيث قامت «شوبفاي» بتسريح 10% من قوتها العاملة، وشهدت «ميتا» أول انكماش سنوي لها على الإطلاق في الإيرادات، وسجل موقع «تويتر» خسارة وفي الوقت نفسه، ازدهر نشاط إعلانات «بحث جوجل» و«أمازون»، اللذين لا يعتمدان على «التتبع» من طرف ثالث، ولم يتأثرا بسياسة “أبل”، في الربع الثاني.
كما سرق نشاط الإعلانات على شبكة البحث التابع لشركة “أبل”، وهو «الإعلانات على شبكة البحث»، حصتها في السوق ويعمل الآن على توسيع وجوده ليشمل مناطق إضافية في «آب ستور». وقالت شركة “أبل” عن تغييرات الخصوصية: «بيانات المستخدم ملك لهم وعليهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيشاركون بياناتهم، ومع من». كان «أوبفي»، وهو متجر إلكتروني لصحة المرأة، من بين الشركات التي تضررت من الانكماش المفاجئ في نوفمبر الماضي عندما ارتفعت تكلفة اكتساب عملاء جدد بشكل كبير.
وقال أشفين ميلواني، كبير مسؤولي التسويق في الشركة: «كنا ننتقل من واحدة من أفضل السنوات الممكنة، حيث كنا نتمتع بالأحذية بشكل كامل ومربح بجنون، ونحن على وشك أن نصل إلى يوم الجمعة الأسود، ونحقق ضجة كبيرة عندما تحطم كل شيء علينا». وقبل أن تدخل قواعد “أبل” حيز التنفيذ، كان «أوبفي» ينفق 30 دولاراً في المتوسط للحصول على عميل جديد على «فيسبوك»، تضاعفت هذه التكلفة ثلاث مرات لتصل إلى 90 دولاراً في الخريف الماضي؛ ما حوّل عملاً مربحاً إلى عمل يحرق النقد. وقال «ملواني» «إن ميزانيته التسويقية كانت حوالي 20 ألف دولار في اليوم، 90% منها تذهب إلى «فيسبوك»، في الأشهر القليلة الماضية، خفضت «أوبفي» ميزانيتها، وحولت الإنفاق إلى «تيك توك»، وأعادت توجيه الشركة نحو تكرار العملاء. وقالت نائبة رئيس التسويق في شركة «كينكو»، كيلي دين، وهي شركة تصنع مزيج مسحوق البودرة، ومقرها البرتغال، إن التأثير الأكبر لسياسة خصوصية “أبل” كان الأشهر الأربعة إلى الستة الماضية، لكنها أضافت أن تحديد تأثيرها كان صعباً مثل المنصات الإعلانية العبث بخوارزمياتهم استجابةً لذلك.
وخفض «شرودر» من «شيلي كوف» ميزانية إعلاناته الرقمية إلى الثلث عما كانت عليه قبل شهر، على أمل أن يحافظ العملاء العائدون على نشاطه التجاري على قدم وساق. وقال: «إنه أمر غير مسؤول أن تقول «أبل» قتلت عملي، أنا أفكر بنفسي -أدركت أنني كنت أعتمد كثيراً على «فيسبوك» وأضاف: «أي شركة صغيرة، على الأقل تلك التي تعمل عبر الإنترنت، هي على حسب أهواء عمالقة التكنولوجيا الكبيرة هذه، لا توجد طريقة للتغلب عليها، لذلك إذا فعلوا شيئاً يزعجك، فأنت في حالة من الفوضي
المصدر : الرؤية