أخبار
في عالم التكنولوجيا والإنترنت .. “الجيل ز” شعلة أمل للمستقبل والتغيير الإيجابي
“الجيل ز” رمز للأمل في المستقبل، وفق الباحثة عفيفة الحسينات، التي ترى أن جيل المهاجرين هذا بفضل مواجهته تحدي التحديث والتطور، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الاتصال بالبلد الأصلي، تُتاح له فرصة أن يصبح أفراده “مواطنين كونيين، قادرين على تشكيل جسور بين الثقافات المتنوعة”.
وعكس الأحكام المتداولة حول جيل ما بعد الألفية الثالثة في دول المهجر، تقول الباحثة إنه “مُحمّلٌ بفهم مختلف للعالم، وبإمكانه تقديم جسور عبور جديدة لعبور الفجوات التي قسمت المجتمعات لفترات طويلة من الاستعمار والعنف والهيمنة”؛ لأنه نشأ “متنقلا بسهولة بين الفضاءات الرقمية الشاسعة والمتطورة باستمرار”، و”لا يقتصر على معرفة التحديات التي يواجهها العالم، بل يمتلك أيضًا الأدوات اللازمة لمواجهتها بشكل فعّال”.
ورغم ما يطرح من إمكان “الاستمرار في تقوية أساليب الهيمنة غير المتوازنة والمدمرة للثقافات الأصلية”، إلا أن المقال يدافع عمّا يتيحه الوضع الفريد الذي وجد فيه “جيل الزّاي” من “فرصة استخدام الحكمة التاريخية والتفكير المعاصر، بسبب الكم الهائل الممكن توظيفه من المعلومات والمعارف بواسطة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، لتقديم رؤية متوازنة حول إعادة بناء وحفظ التراث الثقافي العالمي من جديد”.
هذا نص مقال الباحثة عفيفة الحسينات “الجيل الثالث المهاجر (Generation Z): مصدر أمل للمستقبل”
يمثل العالم مسارا دائما لتطور الثقافات والأفكار والتقنيات والتاريخ البشري والكوني. ومع كل جيل يمر، ينضاف منظور جديد إلى الفهم الجماعي لمجتمعنا العالمي المُعقد. ويبرز جيل ز كشعلة أمل للمستقبل، فهو مُحملٌ بفهم مختلف للعالم، وبإمكانه تقديم جسور عبور جديدة لعبور الفجوات التي قسمت المجتمعات لفترات طويلة من الاستعمار والعنف والهيمنة.
فهم العالم بعيون الجيل ز.
يمتلك الجيل ز الذي وُلِدَ في عالم تهيمن عليه التكنولوجيا والإنترنت وجهة نظر مميزة ورؤية مختلفة عن الحياة والعالم وعن بلدانهم، وعن مفاهيم مثل التقدم والحداثة والحرية والديمقراطية. فعلى عكس أسلافهم المهاجرين الأولين (Baby Boomers) والجيل الثاني (Millennials) الذي لقي صعوبات جمة في التكيُّف مع الثقافة الغربية المهيمنة، وهو جيل الذين عاشوا حياة بدون تكنولوجيات حديثة أو عاشوها وهي في بداياتها، نشأ الجيل الثالث متنقلا بسهولة بين الفضاءات الرقمية الشاسعة والمتطورة باستمرار. ولم يشكل التواجد الرقمي أسلوب تواصل فقط للجيل ز، لكنه أثر أيضًا على الطريقة التي يستوعب بها هذا الجيل المعلومات ويفسرها ويستغلها ويوظفها.
الدافع للتغيير:
يظهر الجيل ز، وسط التغييرات العالمية السريعة، كعامل دافع للتحول الإيجابي. يمنحهم الارتباط الفطري بالتكنولوجيا وبالمعلومات القوة للتساؤل وللتحدي، ولإعادة تشكيل القيم الاجتماعية. هذا الجيل لا يقتصر على معرفة التحديات التي يواجهها العالم، بل يمتلك أيضًا الأدوات اللازمة لمواجهتها بشكل فعّال.
الجيل الجسر
لفهم حقيقة التغيير الذي يمكن أن يحمله الجيل ز، من الضروري الاعتراف بالفوارق الواضحة في التربية التي تلقاها مقارنة بالأجيال السابقة. فبينما يتذكر الجيل الثاني حياته الخالية من الهواتف الذكية ومن الاتصال المستمر بين الناس وبين الأشياء، والآن بين الأشياء كل الأشياء، فإن واقع جيل ز متشابك مع المنصات الرقمية والاتصال الفوري والكلي. وتُمكن هذه التجربة الجيل ز من القيام بدور جسر جيلي، قادر على فهم العوالم التناظرية والرقمية؛ ذلك ما يجعله جيل المستقبل بامتياز رغم نمطية القول إن لكل زمن رجاله ونساؤه.
استعادة القيم التاريخية
من المحسوم فيه أن فهم واستيعاب القيم التاريخية أمر ضروري لاستمرار الحضارات. ورغم تدمير العديد من المجتمعات والثقافات والحضارات بسبب العنف والحروب والكوارث عبر التاريخ، ما أدى إلى التشكيك في إمكانية استعادتها، يُتيح الوضع الفريد للجيل ز فرصة استخدام الحكمة التاريخية والتفكير المعاصر، بسبب الكم الهائل الممكن توظيفه من المعلومات والمعارف بواسطة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، لتقديم رؤية متوازنة حول إعادة بناء وحفظ التراث الثقافي العالمي من جديد. لكن إمكانية الاستمرار في تقوية أساليب الهيمنة غير المتوازنة والمدمرة للثقافات الأصلية ممكنة مع ذلك للأسف.
المواطن الكوني
يواجه جيل ز المهاجر تحدي التحديث والتطور، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الاتصال بالبلد الأصلي. تُقدم هذه الثنائية فرصة للجيل ز كي يصبح أفراده مواطنين كونيين، قادرين على تشكيل جسور بين الثقافات المتنوعة. هذه الترابطات واضحة بشكل خاص في الأسر المهاجرة لمجتمعات مثل “المغرب”، حيث يتقارب السياق العقلاني والحداثي مع قيم المحافظة التقليدية.
خاتمة
يظهر الجيل ز كرمز للأمل في المستقبل، فهو مُحمّلٌ بفهم عميق للعالم الذي تشكل فيه التكنولوجيا العمود الفقري، كما أنه ملتزم بإعادة القيم التاريخية، والقدرة على التنقل في تعقيدات الهويتين المزدوجتين اللتين يحمل في كيانه. فمع استمرار نمو هذا الجيل وتأثيره على المشهد العالمي في ميادين متعددة، كالدبلوماسية والهندسة والفنون والعلوم والرياضات، يوضع منظورهم وتجاربهم الفريدة كعوامل رئيسية للتغيير الإيجابي في الدول الصاعدة كقوى اقتصادية وثقافية وسياسية، ومنها بالتأكيد المملكة المغربية.