أخبار
الذكاء الاصطناعي… خطر على الصحافة أم فرصة للتطوير؟
يرى المستشار ديفيد كاسويل الذي عمل سابقاً لدى «ياهو» و«بي بي سي نيوز لاب»، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أنّ الذكاء الاصطناعي يغيّر بصورة جذرية عمل الصحافيين وسيؤدي قريباً إلى «تغيير جوهري في نظام المعلومات».
عن مستقبل الصحافة يقول: «نحاول رؤية الاحتمالات. أصبحت الأمور أكثر وضوحاً: سيتم إنشاء المزيد من الوسائل الإعلامية وتغذيتها بواسطة الآلات. وستجمع هذه الآلات المعلومات، وسيكون لها إنتاج أكبر للمحتويات بالصوت والفيديو والنص. وهذا تغيير جوهري في نظام المعلومات، والصحافة على وجه الخصوص. وهو يختلف هيكلياً عن النظام القائم حالياً».
أضاف: «لا نعرف كم من الوقت سيستغرق الأمر، ربما نحو سنتين أو أربع أو سبع سنوات. أعتقد أنه سيكون أسرع في ظل المستويات الضعيفة من الاعتراض. قد تكون هناك مشكلات قانونية، كما أن عادات الاستهلاك للأشخاص والصحافيين تؤدي أيضاً إلى إبطاء العملية. ولكن ليست هناك حاجة لأجهزة جديدة، ولا حاجة للخبرة التقنية أو الكثير من المال لإنتاجها. كل ما شكّل حواجز في الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي لم يعد موجوداً بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي».
وعن آخر التطورات الجارية على صعيد طواقم التحرير، قال كاسويل: «ثمّة فئة من الأدوات تسمح بتدفق للمحتويات عبر الذكاء الاصطناعي، وتستخدمها على سبيل المثال في الدنمارك مجموعة (جي بي/بوليتيكنس) لزيادة الكفاءة. وهذا الأمر مفيد للمرحلة اللاحقة في العملية الانتقالية لنموذجهم لأن ثمة بنية تحتية قائمة خلف الأداة. كما تعمل غوغل على إنشاء أداة (جينيسيس) التي يتم اختبارها في الولايات المتحدة من خلال منشورات مدفوعة. المهم أننا سنرى أدوات مطورة من منصات».
وشرح أن مهمة الصحافي ستكون إدارة هذه الأدوات: «تساعد الأداة على التحليل والتلخيص والنسخ، ويعمل الصحافي على تنسيق المحتوى والتحقق منه وتحريره تدريجاً. تصبح مهمته إدارة الأداة. ولكن السؤال هل ستعمل الأدوات في غرف الأخبار على نطاق واسع؟».
وعن تكلفة هذا المسار، أوضح: «في العقد الماضي، كان الأمر مكلفاً للغاية. كان عليك إنشاء مخزن بيانات، وإبرام اتفاق مع أمازون أو غوغل كلاود، وتوظيف خبراء ومهندسين، وكان ذلك استثماراً كبيراً (…). لم يعد الحال كذلك مع الذكاء الاصطناعي التوليدي. من الممكن إدارة تدفق المعلومات من خلال واجهة مدفوعة مقابل 20 دولاراً شهرياً. لا حاجة للترميز. كل ما يتطلبه الأمر هو الدافع والحماس والفضول».
ولفت كاسويل إلى أنه «يمكن لأشخاص كثر في غرف الأخبار ممن لم يشاركوا في هذا المسار في الماضي لأنهم لم يتلقوا التدريب التقني أن يستخدموه اليوم. إنه أكثر انفتاحاً كشكل من أشكال الذكاء الاصطناعي. أعتقد أنه جيد لكنه سيُحدث تغييراً كبيراً في طواقم التحرير».
وأشار الخبير الإعلامي إلى أن «الذكاء الاصطناعي موجود منذ خمسينات القرن الماضي. لكن بالنسبة للتطبيقات العملية، ظهر الذكاء الاصطناعي مع (تشات جي بي تي) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. سوف يستغرق الأمر سنوات عدة قبل أن نفهم ما يمكننا إنشاؤه من أمور قابلة للاستمرار. هناك الكثير من الأشياء التي يمكن تنفيذها.
ويكمن الخطر في أن شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة تعمل بوتيرة أسرع من طواقم التحرير. وثمة شركات ناشئة كثيرة ليس لديها عنصر تحريري يمكنها استيعاب البيانات الصحافية والتقارير وعناصر الشبكات الاجتماعية».
وخلص كاسويل إلى أنه «على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية، لم تكن هناك رؤية للصحافة في عالم الشبكات الاجتماعية. الآن يمنح الذكاء الاصطناعي فرصة لتغيير هذا الوضع، وللمشاركة في نظام جديد. من الجيد أن نكون متفائلين، وأن نستكشف، ونجري تجارب، ونغيّر رؤيتنا للأمور، أرى ذلك.
وكما يقول جيلاني كوب، عميد كلية الصحافة في جامعة كولومبيا (الأميركية)، فإن الذكاء الاصطناعي قوة لا يمكن تجاهلها، ويجب على الصحافة أن تنظم نفسها حولها. وليس العكس».